بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله
أحبتي في الله
كثيرا ما يحاول المتلاعبون الذين يعزفون على وتر التشكيك ويرقصون على أفكار عفنة أن يبثّوا فكرة التعصب والتشدّد الإسلامي (إذا جاز التعبير) في ديننا الإسلامي..... والحقيقة الجلية هو إنَّ الإسلام أكرم المرأة وأعزّها أيّما عزَّةً ورِفعة..بل ساوى بينها وبين الرجل في الكثير الكثير من الأشياء .. ولنسرد معاً في هذا الموضوع.... في إسهاب فنقول بعد الإستعانة بالله عز وجل
المساواة التامة بين المرأة والرجل في الإسلام:
· المساواة في أصل الخلق
يقرر الإسلام أن جنس الرجال وجنس النساء من جوهر واحد هو التراب ...
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ البَعْثِ فَإنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ " الحج/5
فلا فارق في الأصل والفطرة وإنما الفارق في الاستعداد والوظيفة.
· المساواة في مجال المسئولية والجزاء
فالمرأة كالرجل من حيث التكاليف الشرعية ومن حيث الثواب والعقاب والجزاء على العمل في الدنيا و الآخرة
قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " النحل أية 97
· المساواة في الحقوق المدنية
سَوَّى الإسلام بين الرجل و المرأة في الحقوق المدنية و لا فرق بين وضعها قبل الزواج و بعده فإن كانت بالغة لها أن تتعاقد ولها أن توكل وأن تفسخ الوكالة ولها حق اختيار الزوج وحرّم أن تُزوج بدون رضاها وبعد الزواج لها شخصيتها المدنية الكاملة فلا تفقد اسمها و لا أهليتها في التعاقد، وحقها في التملك.
· المساواة في الحقوق العامة
مثل حق التعليم وحق العمل مع الضوابط الشرعية المعروفة ويزخر التاريخ الاسلامى بنماذج مشرفة من نساء المؤمنين في المشاركة في الحياة العامة علمًا وعملاً.
نسبية المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام:
· بعض التكاليف الشرعية
كالصلاة أثناء الحيض والنفاس والصيام وجواز الإفطار أثناء الحمل والرضاعة وكذلك الحج حيث تخالف الرجل في بعض الأحكام بما يتناسب مع أنوثتها وطبيعتها كملابس الإحرام والطواف وتقصير شعر الرأس.
· القـــــوامة
جعل الإسلام القوامة بين الرجل و المرأة لأنه المسئول عن زوجته واسرتة وهذه القوامة لا تتعارض مع تكريم الإسلام للمرأة وإنما شرعت لتنظيم العمل داخل مؤسسة الأسرة فكل جماعة وكل تنظيم لابد له من قائد يقوده ويوجهه إلى الطريق الصحيح ويجب أن يكون لهذا القائد مكانته بين الجماعة حتى يكون مسموعا ومطاعا لذلك كان الرجل بماله من منبه مهيأة لتحمل مشاقة الحياة ومشاكلها فضل القوامة على الأسرة وقيادة مسيرتها.[1] مع وضع أسس لهذه القوامة كالتشاور والتراضي تقيم أساسية تحكم العلاقات بين الزوجين وكما يقول الشيخ محمد عبده: " القوامة تفرض على المرأة شيئاً، وتفرض على الرجل أشياء".
· المساواة في الإرث
جاء قول الله سبحانه و تعالى (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) يوضح إن ميراث الأنثى نصف ميراث الذكر لكن هذا التمايز ليس موقف عاما ولا قاعدة مطردة في توريث الإسلام لكل الذكور والإناث وإنما هو في حالات خاصة من بين حالات الميراث.
فمعيار الذكورة والأنوثة ليس هو الفيصل في تمايز أنصبة الوارثين والوارثات .
هناك معايير أخرى تحكم هذا التوزيع:-
أولها: درجة القرابة بين الوارث ذكرا أو أنثى وبين المورث المتوفى فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب دونما اعتبار لجنس الوارثين
ثانيها: موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال فالأجيال التي تستقبل الحياة وتستعد لتحمل أعبائها عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتخفف من أعبائها، بل وتصبح أعبائها عادة مفروضة على غيرها فبنت المنوفي ترث أكبر من أمه (وكلتاهما أنثى) بل وترث الابنة أكبر من الأب حتى وان كانت رضيعة لم تدرك شكل أبيها وحتى لو كان الأب هو مصدر ثروت المنوفي -الابن- والتي تنفرد الحفيدة بنصفها وكذلك يرث الابن أكثر من الأب وكلاهما من الذكور .
ثالثها: العبء المالي الذي يوجب الشرع الإسلامي على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين[2] ففلسفة الإسلام توازن بين الحقوق والواجبات حتى في التوريث ففي حال تساوي الورثة في درجة القرابة وتساويهم كذلك في موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال يأتي المعيار الثالث ليفصل بين الذكر والأنثى ليس لكون احدهما أكرم على الله من الأخر وإنما لأن ذات الشرع يفرض على الذكر إلا يقرب ميراث الأنثى فهو مكلف بإعالتها ونصيبها ذمة مالية خالصة مدخرة لتأمين حياتها.
وباستقراء المواريث نجد أكثر من ثلاثين حالة تأخذ بها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، ما في مقابل أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل وحتى في هذه الحالات المحددة يوازن الشارع الحكيم بين الحقوق والواجبات في تكامل دقيق لذا حتى تكتمل الصورة ينبغي معرفة حق المرأة في النفقة ابنة وزوجة وأم بما يجعل نصيبها في الإرث ذمة مالية خالصة لها تدخره لمواجهة غوائل الزمن.